الأحد، 18 ديسمبر 2011

الإخوان الإنتهازيون

قطعا سيختلف معى عباد البشر من مجرد قراءة العنوان وذلك لأنهم اعتادوا تقديس البشر وبعد ذلك يتعجبون كيف تصنع الألهة !!..إن نقد الأفراد والجماعات والأفكار يبقى فى نظر العقلاء إفادة مادام كان قائما على الموضوعية وسرد للوقائع ويبقى على من يخالف الرأى التصحيح والتوضيح بعد قبول النقد بصدر رحب .
أحتاج لأعوام ولأحداث كى أغير فكرتى عن جماعة الإخوان المسلمون - سابقا - الإخوان الانتهازيون - حاليا - فقد مللت التفسيرات الهيروغليفية والشعارات الجوفاء وفى انتظار واقع ملموس ربما يعكس فهم خاطئ من جانبى وذكاء خارق من جانبهم !!..
لن أتحدث عن تاريخ هذه الجماعة ونشأتها فكم هو كبير هذا التباين بين نشأة الجماعة على يد السيد حسن البنا ودورها الدعوى والتنويرى وحتى الجهادى فى تاريخ مصر فى مرحلة ما قبل انقلاب يوليو 1952 ودورها السياسى الانتهازى حتى يومنا هذا !!..
يكفى فقط لتوضيح وجهة نظرى دراسة مواقف الجماعة منذ انتخابات مجلس الشعب 2005 وحتى اليوم وكلها وقائع يمكن البحث عنها وعن وثائقها بكل سهولة ولا عزاء للكسالى والإتكاليين ومستسهلى تصديق ما يوافق هواهم !!..
نبدأ بإنتخابات 2005 والتى كانت فى رأيى بداية التنسيق الحقيقى المعلن بين الحزب الوطنى والجماعة ..ربما ليس هناك وثائق مباشرة على هذا التنسيق ولكن هناك من الشواهد التى تثبت انه كان هناك ما هو أكبر من مجرد تنسيق !!.. منها على سبيل المثال:
 التمثيل الإخوانى القوى فى البرلمان بعدد 88 مقعد فى حين أن النظام كان يملك قانونيا ودستوريا منعهم من مجرد الترشح لكونهم جماعة محظورة قانونا واتمنى ألا يقول قائل ولكنهم نجحوا كمستقلين فأنت تعلم وأنا اعلم أن النظام الذى يمنع من يملك الحق كان يستطيع أن يمنع من لم يملك الحق ولكنها لعبة المصالح المشتركة التى دائما تنجر لها الجماعة ثم تعود خالية الوفاض فى تكرار مل منه التاريخ قبل الشعب !!.. ولأزيدك من الشعر بيتا أتسائل ..إذا سلمنا فرضا أن الجماعة وصلت للبرلمان بإرداة الشعب فماذا قدمت لهذا الشعب ؟؟!!..واذا استمرينا فى الفرض الجدلى بأن النظام قد ضيق عليهم الخناق فلماذا لم يستثمروا تأييد الشعب لهم فى صنع حالة ضغط برلمانى شعبى على النظام ؟؟!!.. لماذا لم أرى نفس مواكب د.الكتاتنى فى المنيا بعد الفوز كما كانت قبله؟؟!!.. لماذا لم أرى مظاهرة واحدة أو إعتصام فى أى من مشاكل المصريين على عكس طبعا مشاكل الجماعة من إعتقالات لم تطل بالمناسبة الا القليل منهم لوقت معلوم والنادر لوقت غير معلوم !!..فعندما تبالغ الجماعة فى تضخيم حجم أعضائها يكون إدانة لها على بساطة حجم الإعتقالات مقارنة بهذا العدد الرهيب من الأعضاء !!..
نأتى بعد ذلك لموقف الجماعة من الجمعية الوطنية للتغيير وكيف كانوا يترنحون بين الموافقة والرفض حتى أنهم انضموا لحملة التوقيع على بيان التغيير بعد أن تجاوز عدد الموقعين 600 الف !!..وكعادة الإخوان لا يراهنون الا على الحصان الرابح فى وسط السباق !!..وقتها تيقنوا أنها ليست أحلام الجمهورية الفاضلة وأن مقولة د.البرادعى " قطار التغيير قد غادر المحطة " نابعة من ثقة بالنفس وثقة بشباب مصر .. لذلك ساهمت الجماعة من خلال موقعها الإلكترونى فى زيادة عدد الموقعين حتى تجاوز المليون توقيع .. ولكن لم يشفع كل هذا للجماعة ولم تتخلى عن تملقها للسلطة حين جاءت انتخابات 2010 وكان الموقف المخزى من الجماعة بأنها قبلت المشاركة فى انتخابات قاطعتها الجمعية الوطنية للتغيير و أغلب رموز المعارضة الحقيقية واختارت الجماعة الإنضمام لصفوف المعارضة الكرتونية صنيعة ادارة الأحزاب فى أمن الدولة مع الوفد والتجمع ومن على شاكلتهم !!..فى ضربة كادت ان تكون القاضية لكل أمال وحدة المعرضة فى وجه النظام !!..ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى الجماعة ورد أحمد عز الخيانة بالغدر وفشل الإخوان فشلا ذريعا بطعم العار واضطروا للانسحاب فى المرحلة الثانية انسحابا فقد معناه لانه انسحاب المهزوم الضعيف الذليل !!..
توقعت أن تعى الجماعة الدرس وتتوب عن خطيئتها فى حق المعارضة وتبادر بحسن النوايا ولكن جاءت دعوات الشباب للنزول فى مظاهرات 25 يناير لتبين أن الجماعة أصبحت مستأنسة ومخترقة من أمن الدولة الى ابعد مدى فكما كان رفض تجار الدين للخروج على الحاكم الظالم الفاسد كان هذا هو رأى الجماعة ورفضت علنا ورسميا النزول الى الشارع للتعبير عن الراى وممارسة حق الشعب فى التظاهر والإعتصام ولم تثق فى مقولة صاحب الرؤية الثاقبة د.البرادعى " أن نزولنا للشارع سيكون المرة الاولى والأخيرة " !!..
حاولت الجماعة أن تصلح من موقفها وصورتها فى أعين الثوار - بعدما أصبحت المظاهرات ثورة - وكالعادة راخنوا على الحصان فى وسط السباق بعد يوم 28 يناير حينما أصبحت أيام النظام الفاسد معدودة وأن مصر لن تعود لما قبل 25 يناير !!..
لكن سرعان ما سقطت الجماعة فى بئر العهر السياسى بجلوسها فى الحوار الفاسد بقيادة عمر سليمان وتركها للميدان ورفض نداء الشعب " لا تفاوض الا بعد الرحيل " !!..لقد اشترت الجماعة اعتراف النظام بها مقابل ارادة الشعب الحر فى التعبير عن رأيه والوقوف فى وجه نظام يعلم القاصى قبل الدانى بأنه نظام فاسد خائن قتل شعبه !!..
ومن يومها ونشوة الجماعة بالإعتراف الرسمى بها يعمى بصيرتها عن خيانتها لإرادة الشعب وحقوقه ودمائه ولم يبقى للجماعة عهد ولا شرف الا بصورة فردية نادرة من الحين للحين .. بل ظهرت الغطرسة قبل أوانها فى حادثة أبناء رئيس حزب الجماعة و فلوطة الجماعة صبحى صالح وحديثه عن الأخوات بكل عنصرية يرفضها الإسلام قبل أن يرفضها المصريين !!..إستمر العهر السياسى وبيع الشرف الوطنى فى مزاد علنى فى عهد ما بعد التنحى فى صورة مقيتة زكمت الأنوف من فرط بشاعتها ..
لقد جاءت انتخابات 2011 فى وسط أحداث بينت من صاحب الرسالة ومن صاحب المصلحة .. وفعلت الجماعة مافعلت من تضليل متعمد ومخالفات لا تمت للسياسة ولا للدين بصلة وفازت بأغلبية المقاعد الوهمية فى مجلس وهمى لن يسمن ولن يغنى من جوع !!..وبقت الإنتهازية هى الكلمة الأكثر ترديدا فى أركان هذا الوطن عن جماعة طالما رددت فى معايرة أنها الأكثر تضحية والأكثر بذلا لما هوا غالى ونفيس ويبقى أن ننتظر حتى نرى رؤيتهم المجهولة وأفكارهم المبهمة وذكائهم الخارق ورؤيتم لأبعد من حدود أفكارنا البشرية .. يبقى أن نرى برلمان قوى يواجه حكم العسكر وينتزع سلطة الشعب من براثن قتلته ويعيد لكل زى حق حقه ويحمل الخير لمصر ..فهل سنرى كل هذا ؟.. أم أنها أضغاث أحلام ؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق